September 10, 2009

الصلاة

حقيقتها شرعاً: أقوال غالباً، وأفعال ولو قلبـية مفتتحة بالتكبـير المقترن بالنية، مختتمة بالتسليم على وجه مخصوص، وهي أربعة أنواع: فرض عين بالشرع، وفرض عين بالنذر، وفرض كفاية، وسنة.
فالفرض العيني بالشرع خمس صلوات في كل يوم وليلة. وهي: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والصبح لا غير. ووجوبها معلوم من الدين بالضرورة، فيكفر جاحدها. وفرضت ليلة المعراج في السماء، وهذه الصلوات تفرقت في الأنبـياء، فالفجر لآدم، والظهر لإبراهيم، والعصر لسليمان، والمغرب لعيسى: ركعتين عن نفسه، وركعة عن أمّه، والعشاء خصت به هذه الأمّة. وقيل: الظهر لداود، والمغرب ليعقوب، والعشاء ليونس، وقيل: لموسى، والأصح أن العشاء من خصوصيتنا كما نقله الشبراملسي عن ابن قاسم . والغرض بالنذر هو ما يوجبه المكلف على نفسه بالنذر من النوافل، ويسلك بالنذر مسلك واجب الشرع في العزائم: كوجوب فعله دون الرخص كالقصر والجمع. وفرض الكفاية هو صلاة الجنازة. والسنة هي النوافل الآتي بـيانها (إنما تجب المكتوبة) أي الصلوات الخمس (على مسلم) ولو فيما مضى، ذكر أو غيره، فلا تجب على كافر أصلي وجوب مطالبة بها منا في الدنيا لعدم صحتها منه، لكن تجب عليه وجوب معاقبة عليها في الآخرة لتمكنه من فعلها بالإسلام، ولا قضاء عليه إذا أسلم، فإذا أسلم أثيب على ما فعله من القرب التي لا تحتاج إلى نية: كصدقة، وصلة، وعتق. وتجب على المرتدّ فيقضيها إذا أسلم حتى زمن الجنون في الردّة تغليظاً عليه ولأنه التزمها بالإسلام فلا تسقط عنه بالجحود كحق الآدمي بخلاف زمن الحيض والنفاس فيها فلا تقضي في ذلك (مكلف) أي بالغ عاقل سليم الحواس بلغته الدعوة فلا تجب على صبـي ولا على مجنون لم يتعدّ بسبب جنونه كمن وثب وثبة لم يرد بها زوال عقله، ولا على سكران بغير مؤثم لعدم تكليفهم.
لقوله : «رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبـي حتى يكبر وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق» . رواه ابن ماجه والحاكم
ومن نشأ بشاهق جبل ولم تبلغه دعوة الإسلام غير مكلف بشيء، وكذا من خلق أعمى أصم فإنه غير مكلف بشيء إذ لا طريق له إلى العلم بذلك ولو كان ناطقاً، لأن النطق بمجرده لا يكون طريقاً لمعرفة الأحكام الشرعية، بخلاف من طرأ عليه ذلك بعد المعرفة فإنه مكلف، ولو أسلم من لم تبلغه الدعوة وجب عليه القضاء لأنه منزل منزلة مسلم نشأ بعيداً عن العلماء، بخلاف من خلق أعمى أصم فإنه إن زال مانعه لا قضاء عليه لأنه ليس فيه أهلية الخطاب (طاهر) من الحيض والنفاس، فلا تجب على حائض ونفساء لعدم صحتها منهما، فمن توفرت فيه هذه الشروط وجبت عليه الصلاة إجماعاً. (ويقتل) أي من ذكر بضرب عنقه بالسيف لا بغير ذلك (إن أخرجها) أي الصلاة ولو صلاة واحدة فقط (عن وقت جمع) لها إن كان، فلا يقتل بترك الظهر كالعصر حتى تغرب الشمس، ولا بترك المغرب كالعشاء حتى يطلع الفجر، لأن وقت الجمع وقت الصلاة في العذر فكان شبهة في القتل، ويقتل بترك الصبح بعد طلوع الشمس. أما الجمعة فيقتل بها إذا ضاق الوقت عن أقل ممكن من الخطبة والصلاة وإن قال: أصليها ظهراً لأن الظهر ليس بدلاً عنها (كسلاً) أو تهاوناً مع اعتقاده وجوبها (إن لم يتب) أي إن لم يفعل الصلاة بعد مطالبة الإمام أو نائبه بأدائها وتوعده بالقتل فلا يفيد طلب غيره، وتوعده ثبوت القتل لأنه ليس من منصبه فيطالب ندباً الإمام أو نائبه في الحال بأدائها إذا ضاق وقتها عن فعلها بأن بقي من الوقت زمن يسع مقدار الفريضة والطهارة، ويتوعده بالقتل إن أخرجها عن الوقت فيقول له: صلّ، فإن صليت تركناك وإن أخرجتها عن الوقت قتلناك. وعلم من ذلك أن الوقت وقتان: وقت أمر، ووقت قتل، فلا يقتل عند ضيق الوقت بحيث يتحقق فوتها. ثم القتل بعد خروج الوقت ليس لمطلق كونها قضاء إذ لا قتل به، وإنما هو للترك بلا عذر مع الطلب منه في الوقت وامتناعه من الفعل بعده وإن لم يصرح بقوله: لا أفعل كما في فتح الجواد. وحكمه بعد قتله حكم باقي المسلمين في وجوب الدفن والغسل والتكفين والصلاة عليه كغيره ممن قتل حدًّا من المسلمين، ولو زعم زاعم أن بـينه وبـين الله حالة أسقطت عنه الصلاة وأحلت له شرب الخمر كما زعمه بعض الصوفية، فلا شك في وجوب قتله، وإن كان في خلوده في النار نظر، وقتل مثله أفضل من قتل مائة كافر لأن ضرره أكثر (ويبادر بفائت) من فرض صلاة أو غيرها متى تذكره وجوباً إن فات بغير عذر تعجيلاً لبراءة الذمّة، فلا يجوز لغير المعذور أن يصرف زمناً في غير قضائه كالتطوّع، وفرض الكفاية وفرض عين موسع إلا فيما يضطر إليه: كالنوم، وتحصيل مؤنة من تلزمه مؤنته، وكالصور المستثناة من وجوبها الفورية، وهي مسائل: منها: ما إذا خاف فوت أداء حاضرة بأن علم أنه لو اشتغل بقضاء الفائتة لم يدرك من وقت الحاضرة ما يسع ركعة، فيبدأ بالحاضرة وجوباً وخرج بفوت أداء الحاضرة فوت جماعتها، فإذا خاف فوتها بدأ بالقضاء، وظاهر هذا أنه يبدأ بالفائتة ولو بعذر، وأنه لا فرق بـين أن يرجو جماعة غير هذه أو لا. ومنها: ما إذا لم يوجد إلا ثوب واحد في رفقة عراة أو ازدحموا على بئر أو مكان للصلاة فلا يقضي حتى تنتهي النوبة إليه. ومنها: فاقد الطهورين إذا صلى لحرمة الوقت ثم وجد خارج الوقت تراباً لا يسقط به الفرض، كأن كان بمحل يغلب فيه وجود الماء فلا يقضي به إذ لا فائدة فيه. ومنها: ما إذا وجد غريقاً يجب إنقاذه فيحرم اشتغاله بالقضاء، ويبادر بفائت استحباباً مسارعة لبراءة ذمّته إن فات بعذر فإن وجوب قضائه على التراخي والعذر كنوم لم يتعدّ به بأن كان قبل دخول الوقت أو فيه ووثق بـيقظته قبل خروجه بحيث يدرك الصلاة فيه، فإن كان متعدياً به: كأن نام بعد دخوله ولم يثق بـيقظته فيه وجب القضاء فوراً، وحيث لم يكن متعدياً بالنوم واستيقظ من نومه وقد بقي من وقت الفريضة ما لا يسع إلا الوضوء أو بعضه فحكمه حكم ما فاته بعذر فلا يجب قضاؤها فوراً. ومن الأعذار: نسيان لم ينشأ عن تقصير فإن كان عن تقصير كاشتغال بلعب فليس عذراً، واشتغال بما يلزمه تقديمه على الصلاة كدفع صائل وتُقضي الجمعة ظهراً. ويندب قضاء النوافل المؤقتة دون النفل المطلق وذي السبب ولو كان عليه فوائت لا يعلم عددها قضى ما تحقق تركه، فلا يقضي المشكوك فيه على ما قاله القفال، والمعتمد ما قاله القاضي حسين أنه يقضي ما زاد على ما تحقق فعله فيقضي ما ذكر (ويسن ترتيبه) أي الفائت في القضاء على ترتيب أوقات الفوائت وأيامها خروجاً من خلاف من أوجبه، فيبدأ بالفائت أوّلاً ولو بعذر، ويؤخر عنه الفائت ثانيا ولو بلا عذر، فلو فاته ظهر هذا اليوم مثلاً بعذر وعصره بلا عذر قدم في القضاء الظهر مراعاة للترتيب. وفهم من هذا المثال أنه لو فاته عصر الأمس وظهر اليوم قدم في القضاء عصر الأمس على ظهر اليوم مراعاة للترتيب (و) يسنّ (تقديمه) أي الفائت (على حاضرة) على تفصيل في ذلك. حاصله أنه إن كان يعلم أنه بعد فراغه من الفائتة يدرك الحاضرة كلها في الوقت بدأ بالفائتة وجوباً إن فاتته بلا عذر، وندباً إن فاتته بعذر، وإن كان يعلم أنه بعد فراغه منها لا يدرك من الحاضرة إلا ركعة في الوقت بدأ بالفائتة ندباً مطلقاً، ولو كان الباقي من الوقت ما يسع الوضوء ودون ركعة قدم الحاضرة على الفائتة لئلا تصير صاحبة الوقت فائتة أيضاً ولو تذكر فائتة بعد شروعه في حاضرة أتمها ضاق الوقت أو اتسع، وسواء كانت الفائتة يجب قضاؤها فوراً أو لا، ولو شرع في فائتة معتقداً سعة الوقت فبان ضيقه وجب قطعها، والأفضل قلبها نفلاً مطلقاً حيث فعل منها ركعة فأكثر لا أقل. (ويؤمر) صبـي ذكر وأنثى (مميز) بأن يصير أهلاً لأن يأكل وحده ويشرب ويستنجي كذلك (بها) أي الصلاة ولو قضاء: أي يجب على كل من أبويه وإن علا ثم الوصي أو القيم، وكذا نحو الملتقط ومالك الرقيق والوديع والمستعير أن يأمر الطفل بالصلاة (لسبع) من السنين: أي بعد استكمالها، فلا يجب الأمر قبل اجتماع السبع والتميـيز، ولا يقتصر الولي على مجرد الأمر، بل مع التهديد على ترك الصلاة كأن يتوعده بما يخوّفه إذا تركها (ويضرب) أي المميز وجوباً على من ذكر (عليها) أي على تركها ضرباً غير مبرح (لعشر) لأنه مظنة البلوغ فيجوز ضربه في أثناء العاشرة.
والأصل في ذلك قوله : «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بـينهم في المضاجع» (كصوم أطاقه) بأن لم تحصل له به مشقة لا تحتمل عادة وإن لم تبح التيمم. ويجب على من مر نهيه عن المحرمات وتعليمه الواجبات وسائر الشرائع كالسواك وحضور الجماعات ثم إن بلغ رشيداً انتفى ذلك عن الأولياء أو سفيهاً فولاية الأب مستمرة فيكون كالصبـي، وأجرة تعليمه الواجبات في ماله، فإن لم يكن فعلى الأب، ثم الأم، ويخرج من ماله أجرة تعليم القرآن والآداب: كزكاته، ونفقة ممونه، وبدل متلفه، فمعنى وجوبها في ماله ثبوتها في ذمّة الصبـي.


Tidak ada komentar:

Posting Komentar

silahkan isi komentar disini
KOmentar sobat semua sangat berarti buatku.........

Get paid To Promote at any Location